dr_mohammaed
تاريخ التسجيل : 23/03/2010 عدد المساهمات : 18
| موضوع: الحريه والمسئوليه لجان بول سارتر الثلاثاء مارس 30, 2010 12:54 am | |
| الحرية والمسئولية
الإنسان كائن محكوم بالحرية , يحمل عبء العالم على كتفيه , فهو مسئول عن العالم وعن نفسه كطريقة للوجود. نحن نأخذ كلمة (مسؤولية) بمعناها الأصلي (الشعور بكون الإنسان المؤلف- الذي لا يقبل الجدل- للحدث أو الموضوع).
بهذا المعنى فالمسؤولية لذاتها ساحقة لأنه (أي الإنسان) هو الأول الذي بواسطته يحدث أن هناك عالما, ولأنه هو الوحيد الذي يصنع كينونة لنفسه.
لذلك فمهما يكن الموقف الذي يجد فيه نفسه فال (المسؤولية) لذاتها يجب أن تتحمل كليا هذا الموقف ودرجة خصوصية المحنة حتى لو كانت لا تطاق.
ويجب عليه (أي الإنسان) أن يأخذ على عاتقه الموقف بوعي فخور في كونه مؤلفه, لأنه في أسوأ الضرر أو أسوأ التهديدات التي تجعلني في خطر كشخص فان لها معنى فقط فيً وخلال مشروعي وعلى أرضية الالتزام التي تظهر لي عليه .
لذلك يبدو من الحماقة التفكير في التذمر لأنه لاشيء غريب قد قرر لماذا نشعر ولماذا نعيش وما نحن , أكثر من ذلك فهذه المسؤولية المطلقة ليست هي الاستسلام , إنها ببساطة الحاجة المنطقية لاستمرارية حريتنا.
ما يحصل لي يحصل من خلالي وأنا أستطيع أن لا أتأثر به وأثور ضده كما لا استسلم له. علاوة على ذلك فكل شيء يحدث لي فهو ملكي لذلك يجب أن نفهم أولا أنا أساوي ما يحدث لي كانسان , لأن ما يحدث للإنسان من خلال الآخرين وخلال نفسه هو إنساني لأن أسوأ المواقف فضاعة في الحرب وأسوأ العذابات لاتخلق ما هو لاإنساني من الأشياء فليس هناك مواقف لابشرية, لأنه فقط خلال الرعب , الانطلاق واللجؤ إلى أنواع سحرية من التواصل سأقرر على ما هو لاإنساني , لكن هذا القرار بشري وسأتحمل كامل المسؤولية عنه , لكن بالإضافة إلى ذلك فالموقف لي لأنه صورة من اختياري الحر لنفسي وكل شيء يتمثل لي فهو لي وفي ذلك فهذا يمثلني ويرمز لي.
ألست أنا الذي قررت درجة المحنة في الأشياء وحتى ما لايمكن التنبؤ به منها بقراري؟ لذلك ليست هناك مصادفات في الحياة والحدث المشترك الذي يندفع فجأة للأمام ويستلزم وجودي فيه لم يأت من الخارج .
إذا تحركت في المعركة فهذي الحرب هي حربي , إنها في خيالي وأنا استحقها أولا لأنني أستطيع أن اخرج منها بالانتحار أو بالهروب منها ثانيا .
هذه الاحتمالات القصوى هي التي يجب أن تتمثل لنا عندما يكون هناك سؤال عن مستقبل الموقف بلا حاجة للخروج منه , لقد اخترته هذا هو المطلوب لذاته في مقابل الجبن أمام الناس أو بسبب كوني أفضل قيم أخرى إلى جانب قيمة الرفض للانضمام إلى الحرب ( شعور أقربائي الجيد نحوي , شرف عائلتي ....الخ)
وبأي طريقة ينظر إليه فهو مسألة اختيار, هذا الاختيار سيتكرر لاحقا مرة أخرى وأخرى بدون توقف إلى نهاية الحرب. لذلك يجب أن نوافق على عبارة جوليس رومن (في الحرب ليس هناك ضحايا أبرياء ) ذلك لو أنني فضلت الحرب لأجل الموت أو العار فكل شيء سيحدث كما لو أنني تحملت المسؤولية كاملة عن هذه الحرب . وبالطبع فالآخرون صرحوا بها ولربما اعتبرني أحدهم كشريك صغير فيها لكن هذا التصور عن شراكتي في جريمة الحرب هو إحساس قانوني ولا يؤثر هنا لأن الإلزام لم يكن ليؤثر على الحرية المعطاة وليس لدي أي عذر لأننا كما قلنا مرارا أن خصوصية الشخصية في واقع الإنسان أنها بلا عذر لذلك فستظل بالنسبة لي ادعاء لهذي الحرب بالإضافة إلى ذلك فان الحرب هي لي لأن الحقيقة الراسخة برزت في موقف أنا سببته أن يكون وهذا ما أستطيع اكتشافه هنا فقط بوضع نفسي معها أو ضدها ولن أستطيع أن أميز في الوقت الحاضر الاختيار الذي اصنعه لنفسي عن الاختيار الذي اصنعه للحرب.
أن أعيش هذه الحرب يعني أن اختار نفسي من خلالها وأن اختارها من خلال اختياري لنفسي وليس هنالك سؤال عن اعتبارها (كعطلة أربع سنوات) أو ك (عفو) أو تراجع فالجزء الأساسي من مسؤولياتي أصبحت في مكان آخر , في زواجي , في عائلتي أو حياتي العملية .
في هذه الحرب التي اخترتها قد اخترت نفسي يوما بعد يوم وجعلتها لي بصنعي لنفسي فإذا ما أصبحت أربع سنوات خالية فأنا أتحمل مسؤولية هذا.
في النهاية وكما نوهنا سابقا كل شخص هو مطلق الخيار لنفسه من أول معرفة له بالعالم وتعقيداته والذي يكون فيه هذا الخيار افتراضا ومعرفة .
كل شخص هو تفاعل مطلق في لحظة مطلقة وهو لا يفكر في زمن آخر , لذلك يبدو أنه من قبيل تضييع الوقت السؤال عن ماذا سأفعل فيما لو لم تنتهي تلك الحرب لأنني أنا الذي اخترت نفسي كواحد من المعاني المحتملة من العهد الذي أدى تدريجيا إلى الحرب.
أنا لست مميزا عن تلك الفترة نفسها ولا أستطيع الانتقال إلى فترة أخرى بلا تناقض وهكذا فأنا هذه الحرب التي تحدد وتقيد وتجعل الفترة التي قبلها مستوعبة وبهذا المعنى يمكن لنا أن نعرف مسؤولية أل(لأجل) ذاتها بدقة أكثر بالعودة للتعريف السابق (ليس هناك ضحايا أبرياء ) ونضيف إليها (لدينا الحرب التي نستحق) وهكذا تبدوا , حرية كاملة غير مميزة عن الفترة التي اخترتها لتكون ذات معنى مسئول عن الحرب بعمق كما لو كنت أنا الذي أعلنتها وغير قادر على العيش بدون توحيدها مع موقفي , ملزم بها كليا ومنقوشة بخاتمي , يجب أن لا أكون نادما أو آسفا كما لو أنني بلا عذر , لأنني منذ مجيئي العاجل إلى الوجود وأنا أحمل عبء العالم لوحدي بلا أي شيء أو شخص قادر على إرشادي.
مع هذا النوع من المسؤولية قد يسأل شخص ما قائلا أنا لم أطلب أن أولد) وهذه طريقة ساذجة كونها تلقي تشديدا أكثر على حقيقتنا , فأنا مسئول عن كل شيء في الواقع ما عدا مسؤولية وجودي لأنني لست الذي أوجدني لذلك فكل شيء يحدث كما لو كنت مسئولا عنه .
أنا مهمل في هذا العالم ليس بمعنى أنني سأبقى مهملا وسلبيا كلوح طاف على الماء في كون عدائي لكن بمعنى أنني وجدت نفسي لوحدي نوعا ما وبلا مساعدة , متورطا في العالم الذي يجب علي فيه أن أتحمل المسؤولية كاملة دون أن أقدر عليها ومهما سأفعل فإنني سأبعد نفسي عن هذه المسؤولية بالذوبان فيها لأنني أنا المسئول عن رغبتي بالهروب أو بجعل نفسي سلبيا في هذا العالم .
إن رفضي أن أتحرك باتجاه الأشياء والآخرين يبقى اختياري أنا ولربما كان الانتحار هو أحد طرق رفض الوجود في هذا العالم .
مع ذلك فإنني أجدها مسؤولية مطلقة لأن حقيقة وجودي (ولادتي) غير مفهومة وحتى غير معقولة لأنها لا تبدو أبدا كحقيقة عارية لكنها تبدو دائما في عملية بناء لأجل ذاتها هذا الاختيار نفسه يؤثر بشكل كامل على الحقيقة منذ أن كنت غير قادر على اختيار ولادتي , لكن تلك الحقيقة في المقابل سوف تظهر هناك فقط عندما أتجاوزها باتجاه نهايتي .
وهكذا فالحقيقة في كل مكان لكنها غير مستوعبة وأنا لا أعاكس أي شيء سوى مسؤوليتي لذلك لا أستطيع أن اطرح السؤال (لماذا ولدت ؟ ) أو العن يوم ولادتي أو أعلن أنني لم اطلب أن أولد ,لكل هذه الأسباب المتعلقة باتجاه الحقيقة اعني بولادتي فإنني أدرك أن الوجود في هذا العالم هو لاشيء مطلقا غير طرق لافتراض أن هذه الولادة بمليء مسؤوليتها هي مصنوعة لي .
مرة أخرى فأنا أصارع فقط نفسي مشاريعي لذلك فاستسلامي في النهاية هو استسلام حقيقي والذي يتضمن ببساطة أنني مدان كوني مسئولا كليا عن نفسي فانا الوجود الذي في وجوده, بحال ما, أوجد نفسه عن طريق التساؤل ووجودي هذا هو ما يمثله الحاضر وهو وجود غير مستوعب.
المصدر : This is my Philosophy
Edit by: Whit Burnett
Harper and Brother New York 1957 pages No. 212-215
Freedom and Responsibility
Jan –Paul Sartre |
| |
|