لا تفرط في العتاب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




بسم الله الرحمن الرحيم



" لا تفرط في العتاب "



ربما يظن بعض الناس أن شدة العتاب تُقْصِر المقُصِّر عن تفريطه , وترجع الغاوي إلى رشده ، ولكن ضرر



ذلك قد يكون أكثر من نفعه ؛ إذ إن هذا الصنيع قد يقود المعاتَبَ الى التمادي في الغي , أو الاستخفاف


بالعتاب .



فَدَعِ العتابَ فَرُبَّ شرْ *** هاج أوله العتاب



وقد يريد الإنسان بلومه صاحبَه التخفيفَ عن نفسه ، وقد يحصل له مراده ، ولكن قد يحدث العكس ؛ فقد



ينهال عليه من العتاب أضعاف ما عاتب عليه _ كما يقول الأحنف _ وعلى حَدِّ قول ابن الرومي :



لا تُطْفئن جوىً بلومٍ إنه *** كالريح تُغري النار بالإحراق



وقد يكون الرفقُ أحياناً أبلغَ أثراً من العتاب ، خصوصاً إذا لم يكن الخطأ من طبيعة الجاني ، أو كان له وجه عذر .



ولله دَرُّ أبي الطيب إذ يقول :



ترفَّقْ أيها المولى عليهم *** فإن الرفقَ بالجاني عتابُ



وإذا حتاج الإنسان إلى العتاب فليكن ليناً رفيقاً ، يشعر المخطئ بخطئه بألطف ما يكون ، دون أن تُغلق



أمامه الأبواب ، وعليه يحمل قول القائل :



أعاتب ذا المودة من صديق *** إذا ما سامني منه اغتراب


إذا ذهب العتاب فليس ودٌّ *** ويبقى الود ما بقي العتاب



أما إذا رأيت من صاحبك انصرافاً عن المودة ، وزهداً في الصداقة ، فإن العتاب لا يستدعي مودة ، وعليه



شيحمل قول القائل :



أقلل عتاب من استربت بودِّه *** ليست تنال مودة بعتاب